15‏/05‏/2010

ملخص دراستي للعقيدة المسيحية

بسم الله الرحمن الرحيم

إعداد أخوكم ساري فرح (أبو مريم)
لوحة زيتية تزعم صلب المسيح ووهومخالف للعقيدة الاسلامية التي تذكر ان الله رفع المسيح عيسى بن مريم إلى السماء
 السلام عليكم بحكم خبرتي في المسيحية ودراستي لعقائدها ونصوصها فإنني ألخص نتيجة أبحاثي في أمرين:
 1- أن عقائد المسيحية التي نعرفها اليوم من تثليث وتأليه للمسيح وصلب وفداء ليست مقبولة عقلاً
 2- أن نصوص العهدين القديم والجديد من كتابهم المقدس لا تؤيد إطلاقاً عقائدهم المزعومة، بل تثبت عكس ذلك. أما فيما يتعلق بقدرة الله (عندما يقول المسيحيون بأنه لا مانع من أن يكون الله ثالوثاً أو أن يتجسد فيكون إنساناً لأن الله على كل شيء قدير) فإن قدرته سبحانه وتعالى لا تقاس على المستحيلات ولا على العبث.
 من المستحيلات: أن يكون شيء واحد في مكانين في الوقت نفسه، أن يكون هناك رجل أعزب ومتزوج في آن واحد، أن تكون هناك دائرة مثلثة الأضلاع، أو مثلث ذو خمسة زوايا. لا يصح عقلاً أن نسأل إذا كان الله قادراً على أن يخلق أي من هذه المستحيلات المذكورة، أو أن يقول أحدهم: هل يقدر الله أن يخرجني من مُلكه؟
وهل هناك أصلاً مكان آخر غير ملك الله؟
بل يستطيع أن يفنيه ولكن الأكوان وما فيها كلها من ملك الله ولا مكان آخر لا يقع في مُلكه سبحانه. أما العبث فمثاله أن نسأل: هل يستطيع بابا روما أن يلبس ملابس راقصة شرقية ويؤدي وصلة استعراضية في مقهى شعبي؟ أو هل يقدر رئيس فرنسا أن يضع أصبعه داخل أنفه في مؤتمر صحفي؟ فهذا كله عبث، والعبث يتنزه عنه العقلاء.
 فحتى إن كان العاقل في مقدوره أن يفعل شيئاً ما ولكنه يتنزه عنه إن كان ذلك عبث.
 والسؤال هنا: ما الحكمة من تجسد الله في شخص المسيح؟
إن أجابوا بأنه يريد أن يمر بالتجربة البشرية، فهل الله يجهل معنى تلك التجربة؟ فإن صانع التلفاز يعلم جيداً أجزاء جهازه وتقنيته وكيفية عمله، فهو ليس بحاجة لأن يصبح تلفازاً ليعرفه، بل يطبع كتيباً توضيحياً ويرفقه مع جهاز التلفاز الذي أنتجه، ولله المثل الأعلى. وإن قيل بأنه جاء ليضحي بنفسه على الصليب، فسبحان الله!
 الله يقتل نفسه لتُغفر ذنوب العباد؟ فقد قال أحدهم بأن موجز العقيدة المسيحية في أن الله قتل الله ليرضي الله! أين العقول؟
ولا توجد نصوص مسيحية تشير إلى تلك العقائد الفاسدة عقلاً وإنما توجد الكثير من النصوص المسيحية التي تتعارض مع تلك المزاعم العقدية وتثبت عكس ذلك من توحيد وبشرية المسيح والخلاص من خلال اتباع الشريعة. وسأورد هنا بعضاً من تلك النصوص الكفيلة بإثبات ما أشرت إليه:
 لقد دعا المسيح عليه السلام إلى التوحيد ولم يذكر التثليث إطلاقاً:

  •   جاء في إنجيل مرقس (12 / 28 ـ 32) أن أحد اليهود الكتبة سأل المسيح فقال: " أيةُ وصيَّةٍ هي أوّل الكلّ؟ فأجابه يسوع: إن أول كل الوصايا هي: اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد، و تحب الرب إلهك من كل قلبك و من كل نفسك و من كل فكرك و من كل قدرتك، و هذه هي الوصية الأولى. و الثانية مثلها و هي: تحب قريبك كنفسك.
    ليس وصية أخرى أعظم من هاتين. فقال له الكاتب: جيدا يا معلم قلت: لأن الله واحـد و ليـس آخـر سواه..."

  •   ”ولكن اذهبي الى اخوتي وقولي لهم اني اصعد الى ابي وابيكم والهي والهكم“) يوحنا 17:20 (  ”وفي تلك الايام خرج (المسيح) الى الجبل ليصلّي.وقضى الليل كله في الصلاة لله.“ لوقا 6: 12

  •   ”ولكنكم الآن تطلبون ان تقتلوني وانا انسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله“ (يوحنا 40:8)

  •   انا لا اقدر ان افعل من نفسي شيئا . كما اسمع ادين (في ترجمة: أَحْكُمُ) ودينونتي عادلة لاني لا اطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي ارسلني (يوحنا 30:5)

  •   ”لاني لم اتكلم من نفسي لكن الآب الذي ارسلني هو اعطاني وصية ماذا اقول وبماذا اتكلم. وانا اعلم ان وصيته هي حياة ابدية.فما اتكلم انا به فكما قال لي الآب هكذا اتكلم“ يوحنا 12: 49-50

  •   أما فيما يتعلق بالقول بأن المسيح ”ابن الله“ حقيقة، فإننا نجد أن عدداً لا يحصى من الناس قد نالوا اللقب نفسه في أسفار الكتاب المقدس، مما يدل على أن هذه العبارة مجازية وليست حقيقية. وهو جائز عند العامة بأن يقول الكبير لمن يصغره سناً ”يا بني“ وهو ليس أباه حقيقة.
  إليكم الأدلة النقلية على ذلك:
 ”... بن آدم ابن الله“ لوقا 3: 38  ”ان ابناء الله رأوا بنات الناس انهنّ حسنات.فاتّخذوا لانفسهم نساء من كل ما اختاروا... وبعد ذلك ايضا اذ دخل بنو الله على بنات الناس وولدن لهم اولادا...“ التكوين 6: 2-4  ”... هكذا يقول الرب : إسرائيل ابني البكر.“ الخروج 4: 22  ”لاني صرت لاسرائيل ابا وافرايم هو بكري.“ إرمياء 31: 9  ”قال (الرب) لي (داود) انت ابني.انا اليوم ولدتك“ المزامير 2: 7
  ”لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله“ رومية 8: 14
  ”طوبى لصانعي السلام لانهم أبناء الله يدعون“ متى 5: 9
  وأما عن قولهم بأن المسيح هو الله لأنه قال "أنا والاب واحد" في إنجيل يوحنا 10: 30 فالرد عليهم في ”20 ولست اسأل من اجل هؤلاء فقط بل ايضا من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم. 21 ليكون الجميع واحدا كما انك انت ايها الآب فيّ وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك ارسلتني. 22 وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحد كما اننا نحن واحد. 23 انا فيهم وانت فيّ ليكونوا مكملين الى واحد وليعلم العالم انك ارسلتني واحببتهم كما احببتني“ يوحنا 17.
 فإذا أخذنا كلامه حرفياً فهذا يعني بأن كل الحواريين آلهة أيضاً! ولكنه لم يقصد وحدة الذات، وسياق الفقرة التي يستشهدون بها يؤكد ذلك. وهنا بعض ما قيل في عقيدة التثليث:

  •   وتقول دائرة المعارف الأمريكيةEncyc*opedia Americana : "لقد بدأت عقيدة التوحيد كحركة لاهوتية بداية مبكرة جداً في التاريخ أو في حقيقة الأمر فإنها تسبق عقيدة التثليث بالكثير من عشرات السنين".

  •   وتقول دائرة معارف لاروس*arousse الفرنسية : "عقيدة التثليث وإن لم تكن موجودة في كتب العهد الجديد ولا في عمل الآباء الرسوليين ولا عند تلاميذهم المقربين إلا أن الكنيسة الكاثوليكية والمذهب البروتستنتي يدَّعيان أن عقيدة التثليث كانت مقبولة عند المسيحيين في كل زمان… وهنا بعض ما قيل في عقيدة لاهوت المسيح:

  •   يقول بطرس قرماج في كتابه " مروج الأخبار في تراجم الأبرار "عن بطرس ومرقس: "كانا ينكران ألوهية المسيح".

  •   ويؤكد ذلك ما جاء في العهد الجديد: ”ايها الرجال الاسرائيليون اسمعوا هذه الاقوال. يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما انتم ايضا تعلمون.“ أعمال الرسل 2: 22 أما عن الصلب والفداء، فدحضها فيما يلي:  يؤمن المسيحيون بأن الله قد أرسل ابنه الوحيد (المسيح) ليموت من أجل ذنوب البشر.
  ويستند هذا الزعم على اعتقادهم بتوارث الخطيئة الأصلية origina* sin التي ارتكبها آدم وحواء وتوارثها كل البشر من بعدهما.
  إن القائل بتوارث الخطيئة هو بولس، أما المسيح فقد قال في أناجيلهم ما يناقض ذلك:
  ”اما يسوع فدعاهم وقال دعوا الاولاد يأتون اليّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله.“ لوقا 18: 16  لقد أكد المسيح عليه السلام - وفق ما جاء في الأناجيل - على أهمية اتباع الشريعة لنيل الخلاص:

  •  جاء في إنجيل متى الإصحاح الخامس: "17 لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس او الانبياء . ما جئت لانقض بل لاكمّل. 18 فاني الحق اقول لكم الى ان تزول السماء والارض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. 19 فمن نقض احدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى اصغر في ملكوت السموات. واما من عمل وعلّم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السموات“  حتى يكون الكل: قد تكون إشارة إلى اكتمال الدين بالبعثة المحمدية ونزول القرآن ”اليوم أكملت لكم دينم...“
  دليل آخر على أهمية الشريعة:

  •   إنجيل متى (19 / 16 ـ 17( " وإذا واحد تقدم و قال: أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل لتكون لي الحيوة الأبدية؟ فقال (المسيح) له: ولماذا تدعوني صالحا؟ ليس أحد صالحا إلا واحد وهو الله. ولكن إذا أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا " (ومثله أيضا في إنجيل مرقس: 10 / 18، و إنجيل لوقا: 18 / 18 - 19.)
  لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أُخرى: " لا تموت الآباء لأجل البنين، ولا البنون يموتون لأجل الآباء، بل كل واحد يموت لأجل خطيته " ( أيام (2) 25/4 ).

  •   وأيضاً في سفر حزقيال 18/20 "النفس التي تخطئ هي تموت الابن لا يحمل من إثم الأب والأب لا يحمل من إثم الابن بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون" .

  •  أما بولس! فقد أبطل العمل بالشريعة وعلم الناس كذلك. إن أبرز ما يلحظه الدارس لعقيدة الفداء اقترانها ببولس منذ نشأتها، وقد أراد بولس منها أن تكون ذريعة لإلغاء الشريعة والناموس، حيث جعل الخلاص بالإيمان فقط من غير حاجة للعمل الصالح، فأضحى الفداء ليس مجرد خلاص من الذنوب، بل هو خلاص حتى من العمل الصالح!  وقد أكثر بولس من التجريح للشريعة الموسوية ومن ذلك قوله: " فإنه يصير إبطال الوصية السابقة من أجل ضعفها وعدم نفعها، إذ الناموس لم يكمل شيئاً، ولكن يصير إدخال رجاء أفضل به نقترب إلى الله " ( عبرانيين 7/18 - 19)

  •   ويتجنى بولس على شريعة الله فيعتبرها سبباً للخطيئة فيقول: " لم أعرف خطيئة إلا بالناموس، فإني لم أعرف الشهوة لو لم يقل الناموس: لا تشته... لأن بدون الناموس الخطيئة ميتة.. لما جاءت الوصية عاشت الخطيئة فمت أنا " (رومية 7/7 - 9 ).
  ويسمى الشريعة لعنة فيقول: " المسيح افتدانا من لعنة الناموس اذ صار لعنة لاجلنا لانه مكتوب ملعون كل من علّق على خشبة " ( غلاطية 3/13 )
  ويعتبر ادعاء بولس باطلاً للأسباب التالية:

  •   جاء في سفر التثنية " ملعون من لا يقيم كلمات هذا الناموس ليعمل بها " ( التثنية 27/26 )  .ويؤيد هذا النص ما ذكرناه مما نُسِبَ إلى المسيح حول أهمية اتباع الشريعة أو الناموس.

  •  * وقد جاء نص في الأناجيل المزعومة ذكر فيه أن المسيح عليه السلام دعا ربه لكي يخلصه من الصلب:. متى 26: 39 " ثم تقدم قليلا وخرّ على وجهه وكان يصلّي قائلا يا ابتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكاس .
ولكن ليس كما اريد انا بل كما تريد انت" (ويقصد بالكأس هنا كأس الصلب أو كأس العذاب.) -وهنا دليل آخر على أن إرادة المسيح عليه السلام مختلفة عن إرادة الله-. فهل يخذل الله المسيح عليه السلام ويسلمه لأعداءه؟

  •   وفق رواية الأناجيل، فإن الذي كان على الصليب صرخ: ”إلهي إلهي لم تركتني!“ متى 27: 46 فهل هذا القول يصدر عمن جاء ليموت فداءً لذنوب الناس؟
  إضافة إلى ذلك، ما النفع الذي يقدمه الصلب والفداء للبشرية؟ إن الإنسان بحاجة إلى نظام حياة يتبعه كي يحصل على الخلاص، وإن موت أي أحد فداءً لذنوبه لن يساعده ليتقرب إلى الله ولن يعالج مشاكل البشرية. وإليكم بعض ما قيل في عقيدة الصلب والفداء:

  •  وقال شيخ الإسلام مصطفى صبري (رحمه الله): "وزادَ في الفسادِ فساداً –في عقيدة النصارى- تضحيةُ الله بنَفسِه في قتلِ المسيح تَوصُّلاً بها إلى العَفوِ عن ذنوبِ البشر. واللهُ مُتَعالٍ عن أن يَكونَ لهُ مَثَلُ ضَلالِ المُعتَقِدين لَهُ هذه التضحية –كما أنَّ عقيدة الدِّين الأصلي المنزل من عند الله على سيدنا المسيح  عليه السلام براءٌ من هذه السخافات الطَّارِئة على المسيحية بعد رَفعِهِ إلى السماء, بأيدي المُحَرِّفين المُسرِفين في التحريفِ إسرافاً ليسَ وراءَه إسرافٌ- فَجَعْلُ الله من نَفسِه كبشَ الفِداءِ لمصلحةِ المُذنِبين مِن عِبادِهِ كأنَّهُ هو المُذنِب والمُذنبون هم العافونَ عن ذنبهِ بَدَلاً مِن ذنوبهم واللهُ الذي يملِكُ العَفوَ عن الذنوبِ ماتَ في عقيدةِ التضحيةِ فليسَ هناك من يَتَولَّى العَفوَ عن المذنبينَ غيرَ المذنبينَ أنفسهم, وليس هناك من يُحيي الله الذي ماتَ, فلو قُلنا أن إحياءَ اللهِ بعد موته كان بيده لم تكُن التضحيةُ تضحيةً!"
 • وقصة النصارى في الخطيئة والفداء والشريعة يشبهها الأستاذ محمد حسن عبد الرحمن في كتابه "براهين تحتاج إلى تأمل في ألوهية المسيح" ، يشبهها بقصة ملك تمرد عليه شعبه، فأرسل إليهم رسلاً يدعونهم إلى الخير والرجوع لسلطانه والإذعان لقوانين العدل والسلام التي وضعها.
• لكن هؤلاء قتلوا رسله واستهزءوا بهم، وزادوا عتواً، فزاد غضب الملك عليهم، ثم ما لبث الملك أن أصدر قراراً بأنه سيبعث ابنه الوحيد ليضربوه ويقتلوه ويهينوه كفارة عن معاصيهم، فمن صدق ذلك فهو عنده الكريم المغفور له.
 • كما أصدر أمراً آخر بإلغاء كل قوانين العدل والرخاء السابقة.
 • وأصدر أمراً باعتبار الرضا بالقرارات السابقة كافياً للحكم على الراضي بأنه مواطن صالح مهما ارتكب من آثام وموبقات وجرائم.
 • وقد كانت حيثيات هذا القرار: أن الملك عادل، ومن عدله يقتص من المجرمين المخربين المفسدين في مملكته، ولكنه حباً لهم، وحتى لا يهلك كل من في المملكة رضي بأن يقتص من ابنه الوحيد البريء، الذي يعدل القصاص منه كل جرائم شعبه، وأمر بأن يعذب ثم يصلب فما رأي النصارى بهذا الملك ؟
• ومثل هذا الملك لا يقال في حقه عادل أو ظالم، وإنما الأليق به أن يقال عنه: إنه غبي سفيه معتوه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 أخوكم ساري فرح (أبو مريم)

0 التعليقات:

إرسال تعليق